خلفية سوداء قاتمة.

الإدارة ديسمبر 23, 2016 ديسمبر 23, 2016
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

خلفية سوداء قاتمة.

خلفية سوداء قاتمة.

 بقلم: عبد العزيز الجعافري



كلماته عذبة، نظراته أخاذة، أما أنفاسه فكانت أزكى من أنفاس الزهور في فصل الربيع، جلوسي إليه حفاوة وتقدير، وأما قربي منه فلا تخالطه روائح أكرهها إذا شممتها من الرجال.. كان يتجنب كل ذلك..

كان يحترم مشاعر الأنثى وهي تعبر عن نفسها وطموحاتها ووجودها؛ حتى إذا تجملت بمساحيق التزيين، فإنها عنده بهذا التجمل أنثى حقيقية، وإذا كانت عندها آمال تريد تحقيقها، فهي عنده تستحق أن يوقف لها وأن يقعد، وإذا كانت نظرتها إلى الوجود نظرة تقدس الحياة، فإنها بذلك تكون قد شقت في فؤاده طريقا واضحا إلى التميز لديه.
كانت إذا اختلت بنفسها قفزت تتراقص أمامها ذكريات تتابع من خلالها فصول رواية من الصور البريئة المزهرة الخلابة اللامعة؛ إنها لا تكاد تلمح سوى ملامح الزهر والعطر والفنتازيا الحلوة والعسل الحر.. سحرتها ذكرياتها حتى كادت تجن سرورا وهي ترقص على أنغام هذه الذكريات البيضاء الناصعة..
لكم راقت لها أغنية "زيديني عشقا" وكم راق لها المغني البارع الذي أداها أحسن أداء لا لكل النساء، بل لها وحدها، وحدها فقط. حبيبها يفوق الساهر الذي فتن النساء بألحان الحب.. حبيبها دفعها إلى أن تتلمس جغرافيا جسدها بتأنق كبير فتجدها ناعمة لطيفة، وإلى هواء طبيعتها فتجده رطبا، طبيعتها تتخللها نسائم الهوى العليل، وإلى تاريخ مشاعرها معه لتجدها الآن خالية من الحروب الدموية، أو حتى من جروح سطحية.
كل ما في الأمر أن عروقها، في لحظات انتشاء وخلوة، كانت تقذف دما أحمر يحمر له خداها فتزداد افتتانا بنفسها، أما شعرها فكان يدغدغ شعورها بأنها أنثى متكاملة، فقد كانت تأخذ لنفسها صورا تزداد بها إحساسا بأن جسدها أصبح أغنى نعومة وأكثر تألقا..
كم لها أن تتذكر أنه غازلها دون أن يتعدى الحدود واقترب منها دون أن يطمع فيما يرغب به  الرجال عادة، كم وكم وكم لها أن تبحث له عن زلة فلم تجد، قد أصبح يحلو لها أن تقع فريسة سهلة فقط لهذا الحبيب؛ فقد سلمت له مفاتيح مملكتها الشعورية، فأقصى ما يمكن أن يفعل، أن يشاركها المشاعر والدم واللذة.
حادثني حبيبها بحكم زمالتنا، سأجربها فإن لم تنجح سأتركها من دون تردد.
لم أشاطره الرأي أبدا، فهي أنثى إذا تعلقت برجل وثقت به، وإذا فعلت فستفديه بما يشاء خصوصا إذا افتتنت به أيما افتتان..
رأيه كان صلبا مثل رأسه، قوته الفولاذية كانت سكينا بحدين؛ حد يجعله لا يخطئ مع الأنثى التي يقترب منها، وحد يجعله لا يفرق بين الحق والإكراه..
"قد عانيت من زواج مرق كالبرق وانتهى كالظل، زواج لم أسعد فيه ببريق إحساس وحيد ولو كان كذبا، زواج انتهى يوم الدخلة، أتراني الآن أحلم !!"
"كم كان زواجي من دون تواصل مع الخطيب ولو مرة مؤلما، وأول الألم في فض البكارة الوحشي."
مشاعر تقاسمتها معي بعد انتهاء قصتهما، والمسكينة الآن تتذكر كيف أنها لم تتمالك نفسها حين لم تجد لنفسها جهدا في رفض شهوته منها، لم تناقش الأمر كثيرا، قد كانت حاسمة أمرها أنه سيقبل تضحيتها من أجله، ذلك أنها عرفته بمشكلتها بادئ الأمر منذ أول العلاقة، وليس عيبا أن تكون فشلت في زواج سابق..
"فشلتْ في الاختبار يا أخي، وأنا ربيت على ألا أتراجع عن أي قرار يا أخي"، كان يحبها أيضا. كان يصرخ في وجهي بهذا الجواب ويقول "من فعلت هذا معي ألا تفعله.."، كنت أسكته وأقول " لا لن تفعله مع غيرك، لقد قمت باستغلالها"
"قد ضعفت بك، وأرادت إرضاءك، وخافت فقدانك، أ فيكون هذا جزاؤها ؟ !!"
كان المسكين يقول وهو يحترق إنه يدخرها للحلال إذا أتبتث أنها غير باقي النساء، وأنه سيفنى في حبها وسيفنى لها، وسيعمل لأجلها، و، لو أنها.. لكني كنت أرى أنه بهذا ضيع حبه الصادق الوحيد وعذب قلبين لا ذنب لهما سوى خلفية سوداء قاتمة.

مع فائق التقدير،
عبد العزيز الجعافري | [email protected]

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    https://www.profpress.net/