إلى الحواص العشريني الذي جمع المليارات وعَدَّدَهَا، ثم قال بُعْدًا للمغفلين

الإدارة يوليو 04, 2017 يوليو 04, 2017
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

إلى الحواص العشريني الذي جمع المليارات وعَدَّدَهَا، ثم قال بُعْدًا للمغفلين 

إلى الحواص العشريني الذي جمع المليارات وعَدَّدَهَا، ثم قال بُعْدًا للمغفلين


ـ نورالدين الطويليع‎

سَمَّيْتُكَ عشرينيا, ليس لأنك تنتمي أو انتميت إلى حركة عشرين فبراير, كما قد يتبادر إلى ذهن البعض, لأن هذه الحركة لم يكن سقفها المنحدر جدا يستوعب ذوي القامات المالية السامقة أمثالكم, ولأن بيتها المتواضع كان يتسع فقط للكادحين والفقراء, ولمن طردتهم الحياة من نعيمها المقيم, وأذاقتهم ويلات عذابها الشديد, ففرت إليها طالبة اللجوء الاحتجاجي, عسى أن ينفعها أو تتخذه سندا يقيها ويدفع عنها الشر الذي يحيط بها من كل جانب، أما أنت وأمثالك، ففي شأن يغنيكم عن كل هذا، وأنتم الذين لا تجدون الوقت الكافي لعد ما تحصدونه من أموال، وتكتفون برميه كومات، في انتظار فرصة قد يجود بها الزمن لشحنه خارج الوطن.

سميتك عشرينيا لأنك جمعت مالا وعددته, وركنته في كل زوايا منزلك, كما يجمع الفقراء أمثالنا روث البهائم وأوراق الأشجار لِيَتَمَلَّوْا بالحصول على كميات وافرة, ويباهون بعضهم البعض بتأمين وقود خبزهم المطهو في أفرانهم التقليدية لمدة قد تصل إلى حدود عشرين يوما, دون أن يدروا أن حلمهم العشريني هذا الذي غالبا ما يحول القدر دون تحققه, يوازيه حلمك وحلم صَحْبِكَ، مع فارق المضمون الشاسع وهُوَّتِه الكبيرة, في جمع حطب عرقهم المدرار, ومراكمة ثروة تَفَحَّشَتْ وتكاثرت لتبلغ بك وتوصلك إلى منصة العشرين, وأنت تنتشي ربما بأنها ستخلدك, دون أن تدري بأنها نار الله الموقدة التي ستحرقك في الدنيا قبل الآخرة، يوم يحمى عليها في نار جهنم, ويقال لك ذق إنك أنت العزيز الحكيم.
سيدي, أنت وأمثالك الكُثُرُ من رؤساء الجماعات, ستحرقكم دموع اليتامى والأرامل الذين سرقتم أموالهم, وتحدثتم باسمهم وأنتم توزعون أموال ميزانيات جماعاتكم, وتضعون في خانة تحمل اسم مساعدة اليتامى والأرامل, عشرات الملايين, دون أن يظفروا منها بسنتيم واحد, ودون أن يسمح لكم جشعكم بالتنازل لهم، ولو عن درهم منها.
ستطاردكم لعنات الفقراء والمعوزين الذي لم تستحيوا أن تنهبوا باسمهم الملايين, تارة باسم شراء الأدوية, وباسم الاستشفاء وشراء المحافظ والأدوات المدرسية لأبنائهم, وتارة أخرى باسم قفة رمضان وغيرها من تسميات سميتموها أنتم ومن سبقوكم, دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع.
ستحرقكم, الملايين التي اذخرتموها باسم شراء الوقود والعجلات, ثم هربتموها إلى منازلكم, بعدما أعطيتم لكل ذي حق حقه, ولكل ذي نصيب نصيبه من أذونات ضمنت لسياراتهم الفارهة شبعا وسُقّيَا لم تظمأ معها على مدار حياتها, وطبعا نحن الكادحين, لسنا من أصحاب الحقوق, ولا النصيب, ولا ينبغي لنا أن نكون كذلك, وما على كل منا إذا نفذ وقود دراجته النارية إلا أن يرميها بعيدا, ويكمل المشوار راجلا, أو يتخذ لنفسه حمارا يمتطي صهوته, مع الحرص كل الحرص على جمع مخلفاته لأنها وقود خبزه, وعلى عدم الاقتراب من إقاماتكم الفخمة, خشية أن تسول له نفسه النهيق في حضرة جنابكم, وإلا فإنه سيفوز وسنفوز معه بغضبة مضرية منكم, لا شك أنها ستترجم صفعات وركلا وسبا وشتما من زبانيتكم.
باسم محاربة القمل والبراغيث والفئران سرقتم أموالنا, دون أن تأخذكم قشعريرة حياء من أنفسكم, ودون أن تدروا بأنكم أنتم القمل الذي مص دماءنا, والبراغيث التي جثمت على أجسادنا غير عابئة بصياحنا وطلبات استغاثتنا، وهي تمارس طقس المرور الثقيل والمقزز فوق أجسادنا, أنتم الفئران التي عاثت فسادا وأتت على الأخضر واليابس, تاركة خلفها روائح بولها النتنة, وبرازها المقزز.
نثرتم الملايين في خانة إصلاح الطرقات وإنشاء المناطق الخضراء ضمن مشاريع ميزانياتكم, ثم ابتلعتموها ابتلاع الوحوش الضارية, وتركتم لنا اليباب والخراب والغبار المتطاير, والحفر المتناثرة على طول طرقات تأبى إلا أن تذيقنا,ونحن نعبرها, حنظل الإحساس بتجبركم علينا واستهتاركم بنا, وهواننا الذي يزداد رسوخا كلما اقتنصتنا حفرة من حفركم وأوقعتنا في فخها, دون أن نجد من نشكو إليه بثنا وحزننا, وكأن واقعكم هذا قدرنا المحتوم الذي يجب أن نخضع ونؤدي له واجب الطاعة العمياء, تمثلا بقول الشاعر: هذا زمن القرود فاخضع لها....وكن لها سامعا ومطيعا
اتجرتم في المناسبات الوطنية بتضخيم فواتير إقامة الحفلات وشراء الأعلام وصور الملك, لتتحول من بضعة آلاف إلى عشرات الملايين.
استخففتم بمستشاريكم فأطاعوكم, طمعا في رمي بعض الفتات إليهم, ملكتم نواصيهم, فصاروا طوع بنانكم، توجهون أصواتهم أنى شئتم, كما لو كانوا أنعامكم الأليفة في إمبراطورياتكم الواسعة المتسعة التي لا ينبغي لأحد غيركم أن يمني النفس بدخولها, أو حتى باستراق النظر من بعيد إليها.
بعد كل هذه الجرائم شددتم الرحال صوب الديار المقدسة, وتضرعتم إلى المولى عز وجل أن يقيكم شر فتننا, وأن يبارك لكم في مالكم ويربيه ليتضاعف مثنى وثلاث ورباع وثمان وتساع...., وأن يقويكم على أعدائكم من الحاسدين الكائدين الذين يتربصون بثروتكم, وأن يسحق كل من تسول له نفسه مسها بسوء تعدادعا وإحصائها, وأن يجعل بينها وبينهم, ومن خلفها وخلفهم سدا منيعا يحجب عنهم رؤيتها.
يا لوقاحتكم, أجزم أن قارون وفرعون وهامان وأبا لهب وأبا جهل, وكل طغاة العالم وجبابرتهم أشرف منكم, لأنهم جاهروا بفعلهم, وأعلنوا مواقفهم دون مواربة, أما أنتم فأردتم أن تكونوا كل هؤلاء, وأن تجمعوا جميع ما تفرق فيهم من ذميم الصفات في السر, حتى إذا خرجتم إلى العلن لبستم جبة الأطهار الأخيار, واستعرتم مظهر النبيئين والصديقين, دون أن تدروا أنكم لن تستطيعوا حجب حقيقتكم الشيطانية عنا بغربال نبلكم الكاذب المهترئ.

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    https://www.profpress.net/