الأزمة ليست أزمة تمويل إصلاح التعليم بل أزمة مساءلة ومحاسبة كبار المسؤولين عنه

الإدارة أكتوبر 09, 2018 أكتوبر 09, 2018
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

الأزمة ليست أزمة تمويل إصلاح التعليم بل أزمة مساءلة ومحاسبة كبار المسؤولين عنه 

الأزمة ليست أزمة تمويل إصلاح التعليم بل أزمة مساءلة ومحاسبة كبار المسؤولين عنه

محمد جمال بن عياد

في سياق التحولات الدولية والإقليمية والاقتصادية والاجتماعية المحلية التي باتت أكثر من أي وقت مضى تستلزم بناء دولة المؤسسات والقانون تكون في مستوى متطلبات المواطنين (الحراكة، المحتجين، اليائسين، المقهورين، ....) بما تحمله من تحديات الظرف الراهن. إذ وجدت مؤسسات الدولة نفسها في أجواء دولية مضطربة، وأضحى على المغرب بأحزابه ونقاباته وجمعياته الحقوقية والمجتمع المدني الوقوف وقفة رجل واحد لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ومن أين لك هذا، واسترجاع المال العام المنهوب، حتى يضمن الحد الأدنى من شروط العيش في سلام وطمأنينة بالنسبة لجميع المغاربة.

وتبعا لما كان لخطب ملك البلاد من أثر في تحريك بعض مؤسسات الدولة وأجهزتها  الموكول إليها النظر في مواضيع تهم شان المواطنين من تعليم وصحة وقضاء وأمن و...، فقد عملت هذه المؤسسات من تنظيم لقاءات وندوات وزيارات ميدانية للإدارات العمومية الجهوية والإقليمية التابعة لها، تجمع من خلالها تقارير تتضمن توصيات واقتراحات لتنزيل توجيهات عاهل البلاد.
ومن بين هده المؤسسات الحكومية نجد قطاع التربية الوطنية الذي كلما ألقى ملك البلاد خطابا، تهرع المصالح المركزية إلى تنظيم لقاءات واجتماعات مركزية وجهوية وإقليمية ومحلية وتصدر بلاغات توطؤها بمقتطفات من خطب عاهل البلاد، تصرف فيها اعتمادات مالية للتنقل والتغذية والمبيت في فنادق مصنفة لفائدة فئة معلومة دأبت على الاستفادة من المال العام، وتتم صياغة تقارير لتجمع مركزيا على نحو تقرير تركيبي، ليتم في آخر المطاف ركنه في أحد المكاتب بالوزارة .
في السياق ذاته يعقد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بدوره لقاءات في نفس الخصوص بمقاربات مختلفة.
وتخلص هذه التقارير إلى  تكرار المحاولات والاقتراحات الإصلاحية دون أن تلقى لها طريقا للنجاح، اللهم ملايير من ميزانية الدولة تصرف بدون جدوى تذكر أو نتائج ملموسة على أرض الواقع، بل كلما توالت اللقاءات والتشاورات والاجتماعات        (ضياع للوقت، وهدر للمال العام) كلما ازداد حال منظومة التعليم  تفاقما وسوءا على ما كان عليه في السابق، وهذا ما أكده الملك في خطاب 20 غشت 2013 حيث قال: « غير أن ما يحز في النفس أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة. »
ويرجع المهتمون أن الوضع التعليمي غير المشرف جاء نتيجة العنصر البشري المسؤول من المصالح المركزية إلى المصالح الإقليمية، حيث تغيب المساءلة والمحاسبة وإنزال الجزاء بكبار المسؤولين.
ويتفق فاعلون تربويون على أن موضوع التربية والتكوين ظل يخضع منذ ميثاق التربية والتكوين  لمنظور المصلحة الشخصية وتبادل المصالح، دليل ذلك اختلالات البرنامج الاستعجالي وإسناد مناصب المسؤولية، حيث افتقدت وزارة التعليم إلى الالتزام بقوانين ومراسيم ومناشير وزارية، ولم يعد في حاجة إلى برهان على ذلك، فقد شكل البرنامج الاستعجالي خطوة مهمة رغم بعض عيوبه وإقصاء وتجريد من المسؤولية خلافا لاسنادها، غير أن الحسابات الشخصية  و"اشنو غادي يشيط لي" والطمع،  حال دون الاستمرار في تحقيق أي إصلاح.
وعندما يصرح عضو اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية بالمجلس الأعلى للتعليم، أن هناك أزمة تمويل تواجه حكومة "العثماني"، فهذا شيء ألف سماعه المواطنون المغاربة، وكل مرة تستنفر ميزانية الدولة من أجل مشروع للإصلاح. والنتيجة مجرد"صب الماء في الرمل".
ويلاحظ المتتبعون للشأن التربوي أن أزمة التعليم تكمل في عدم مساءلة ومحاسبة المسؤولين الرئيسيين على قطاع التعليم، والمنطق السائد منذ سنين يختزل في مبدأ « سلك » و" دير الماء منين يدوز" و" ميك ما قدنا على صداع" بمعنى أي غض الطرف  عن التجاوزات  والاختلالات .
ويبقى السؤال، لماذا لا يتم حلحلة بعض المسؤولين من مناصبهم؟، علما أن هناك شبهة تورطهم في اختلالات البرنامج الاستعجالي وإسناد مناصب المسؤولية، وفسح المجال لاختيار النخب القادرة على رسم خارطة الطريق التي ستمكن من تحقيق النتائج والغايات المرجوة، أم أننا سنظل نصارع صخرة "سيزيف" ؟؟

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    https://www.profpress.net/