سلسلة ممارسة التدريس:049 النصيحة
سلسلة ممارسة التدريس:049 النصيحة
أستاذ مادة الرياضيات بالثانوي التأهيلي
كنزٌ غالٍ و نفيس و زاد قوي و ناجع عند الآخذ و
الناصح و منحة دراسية و تربوية رفيعة للسامع المتذوّق. مقدارها و زمانها و طريقة
عرضها و مضمونها و نوعيتها كلها عوامل فاصلة في نجاح التلقي و الوصول و القبول والانعكاس
الإيجابي.
*
هناك النصيحة المرتبطة بالمادة الدراسية في طريقة التعامل مع المفاهيم و المعارف و
كيفية استثمار الأمثلة و الخاصيات للحصول على الفاعلية المرجوة من حيث الفهم و
الإدراك و من حيث إنجاز التمارين و الفروض، كما يدخل في بابها النصيحة المرتبطة
بحالة تعثر في المادة بشكل عام أو تعثر خاص بوحدة دراسية أو جزء منها.
*
و هناك النصيحة المرتبطة بالدراسة عموما في طريقة تنظيم الوقت و التفاعل في الحصة
و الاستفادة منها و مفاتيح المواد المختلفة و الكفاءة في الامتحانات و الفروض.
* و
تبقى النصيحة المرتبطة بالسلوك بجميع جوانبه و التفاعل في القسم و خارجه بجميع
جوانبه و الحياة عامة و ما بعدها بجميع جوانبهما، من أنفس أنواع النصائح و أكثرها
تأثيراً و رسوخاً في الذاكرة، إن كانت طيبةً عفوية ملامسةً لمكمن الخلل معالجةً له
مواتيةً في الصميم لظروف الزمان و المكان و الأسلوب كما أشرنا من قبل.
*من
ركائز نجاحها عند الممارس للتدريس، كسب الثقة و القدوة بالفعل و هما عنوانان
لمقالين فصلنا فيهما هذه الأمور، لأن القابلية للإنصات تحتاج للمصداقية و الكفاءة
في المادة و الشخصية و لمطابقة القول للفعل.
*
الإشارة و التلميح و التوجيه العام غير المباشر و إبراز مخاطر العكس و توضيح
المسلك و الطريق الرشيد و ضرب الأمثلة الواقعية و استخراج المُراد من استدلال
منطقي تدرّجي وسائل و تقنيات مجرّبة هامة في إسداء النصيحة العامة لمجموعة القسم
أو جزء منها.
*
يمكن الاعتماد على كتابة ملاحظات فردية في أوراق الفروض المنزلية أو المحروسة أو
الدفاتر تشتمل على إبراز الجيد لبسط المجال و فتح الشهية لتلقي النصائح و
التوجيهات حول الأمور الأخرى السلبية في الدراسة أو السلوك أو غيرهما. و هي طريقة
ناجعة مجربة مفيدة بالغة التأثير.
*
الإكثار منها و من إعادتها بنفس الرتابة، و الصراخ و التشنج عند إصدارها، و
مصاحبتها بالاستهزاء أو التعيير أو التنكيت أو الفضح، كلّها أمور يستحسن تجنبها و
تؤدي عامة إلى عكس المراد والمرجوّ منها. و قد تحدثنا عن هذا في مقال: أخطاء
السلوك و كذلك في مقال: العقاب و مقال: تسلط السلطة.
*
الفروق الفردية و الحالة النفسية و العلاقات البينية بين مكوّنات القسم و طبيعة
شخصية التلميذ و التلميذة، عوامل يجب مراعاتها عند الإقدام على إسداء النصيحة: لأن
النفس عامة تنفر منها، و يقرّب منها جانب العاطفة و جانب العقل و هما محوران
يفيدان الممارس للتدريس في هذا العمل و في غيره.
*
النصيحة الموسمية المرتبطة بالامتحانات الإشهادية ضرورية و داخلة في الاستعداد
الناجع و يرتكز عليها الممارس الحرفي للتدريس للحصول على مردودية مرتفعة و
لإكمال مجهوده المُضْني طيلة السنة الدراسية بالحصول على نتائج مرضية: و يدخل في
بابها تنظيم الوقت و طريقة التعامل مع المواد الدراسية و مفاتيح المواد، و
تنظيم الأكل و النوم و الراحة و ساعات العمل و طرق المراجعة و نوعية التمارين
المناسبة لهذه الفترة، و تقنيات الحفظ و التركيز، و التعامل مع الوضعيات و مع
الوقت أثناء الامتحان و حالات التعسر و التوتر و الخوف و الغفلة و النسيان و
فقد التوازن النفسي و كذلك التعامل مع المحيط الخارجي و الداخلي و غيرها من
الأمور.
*
هناك من يعتبر أن النصيحة التربوية أو الأخلاقية أو السلوكية أو حتى في الفعالية
في المادة المدرّسة، خارجةً عن نطاق دوره كممارس للتدريس و أنّ مجال اختصاصه فيما
يدرّسه فقط و هذه وجهة نظر لا أتّفق معها رغم أن هناك ما يسندها و يدعمها
فيما آل إليه دور الممارس للتدريس في المجتمع و في منظومة التعليم حالياً
*
النصيحة دور أساسي من أدوار ممارسة التدريس، تشكّل هاجس أصحاب الضمائر الحية و تحتاج
لحنكة و لحُسن التصرف الذي يبقى اجتهادا شخصياً يصيب و يُخطئ و يتحسن بالمراس و
التجربة في غياب وجود تكوين أكاديمي في هذا المجال أو اهتمام حقيقي به و الله الموفق لما فيه الخير.