النفايات البلاستيكية، هل تخرج النعمة من طيات النقمة؟ ــ مؤسسة تعليمية تبعث الأمل في غد بيئي أفضل

الإدارة مارس 05, 2020 مارس 05, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

النفايات البلاستيكية، هل تخرج النعمة من طيات النقمة؟ ــ مؤسسة تعليمية تبعث الأمل في غد بيئي أفضل


 استطلاع صحفي في إطار برنامج الصحفيين الشباب من أجل البيئة


 ــ مؤطر فريق الاستطلاع نورالدين الطويليع


      عاد أحمد، مساء السبت، إلى أحضان أسرته بعد أسبوع من التحصيل الدراسي، ومن الجد والاجتهاد في الفصل، وفي القسم الداخلي لمؤسسته الإعدادية التي يدرس بها.
     على غير العادة لم ير بِشْرًا ولا سرورا، واصطدم بوجوه عابسة مكفهرة، لم تستقبله والدته، كما عودته دائما، بابتسامتها العريضة، وبكؤوس اللبن والحليب الرائب، رأى جميع أفراد الأسرة واجمين كأن على رؤوسهم الطير، تملكته الحيرة، وانتابه الشك في أن أمرا جللا حدث، يا إلهي، ماذا أصاب أسرتي؟، ما الذي غَيَّرَ حالَهُم؟، لِمَ أرى الجميع في هذا الوضع المحزن؟
   قطعت فاطمة، الأخت الصغرى لأحمد، حاجز حيرته، وأخبرته أن بقرتهم الجميلة التي دأبت على الجود عليهم باللبن السائغ والزبدة الطرية قد نَفَقَتْ بعدما أكلت كومة من الأكياس
البلاستيكية المرمية في الحقل الذي كانت ترعى فيه.
    نزل الخبر على أحمد كالصاعقة، وتساءل بقلق وحزن شديدين: كيف يمكننا التخلص من النفايات البلاستيكية؟، لماذا لم يفكروا في وسيلة فعالة لتخليصنا منها؟، إلى متى ستظل هذه النفايات خطرا كبيرا محدقا بالبيئة؟.
     رجع أحمد إلى مؤسسته التعليمية صباح الاثنين مغموما مهموما، مُحَمَّلاً بأسئلته الثقيلة، وفي أول حصة شرعت أستاذة مادة الفيزياء في الحديث عن النفايات البلاستيكية، كما لو قرأت ما يدور في خلده، فأثار الموضوع فضوله، وأزال علامات الاستفهام التي ظن، قبل الحصة، أن جوابها بعيد، وأن حيرته بسبب ذلك ستبقى مستمرة، وازداد أحمد اطمئنانا، وعمته الفرحة بعدما ضربت الأستاذة موعدا له ولزملائه لحضور ورشات تدوير النفايات البلاستيكية في نادي البيئة بالثانوية الإعدادية عمر الخيام.
التلوث البلاستيكي وتدوير النفايات البلاستيكية، في دلالة المفهومين
     قبل أن نسترسل في عرض تجربة النادي ومُؤَطِّرَتيْهِ، يجدر بنا أن نتوقف عند دلالة المفهومين، حتى نحيط بالموضوع إحاطة شاملة، ونقدم للقارئ مادة متكاملة.
      ينتج "التلوث البلاستيكي تراكم المنتجات البلاستيكية في البيئة التي تضر الحياة البرية أوالبشر، وتصنف المواد البلاستيكية التي تعمل كملوثات إلى الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة، استنادا إلى حجمها، ويرتبط ظهور التلوث البلاستيكي بالبدائل غير المكلفة والدائمة، التي تعوض منتجات كثيرة غالية الثمن، والتي يستخدمها البشر، ومع ذلك فإنه يعتبر بطيئا في التحلل.
      ويؤثر التلوث البلاستيكي بشكل ضار على الأراضي والمجاري المائية والمحيطات وعلى الكائنات الحية، ويتأثر البشر أيضا بالتلوث البلاستيكي، من خلال تعطيل محور هرمون الغدة الدرقية، أو مستويات الهرمونات عند البشر"[1] .
   واضح إذن أن التلوث البلاستيكي ناتج عن رمي النفايات البلاستيكية في البيئة، وأنه يشكل خطرا كبيرا على جميع الكائنات الحية، بسبب مكوناته السامة التي لا تتحلل بسهولة.
     أما تدوير النفايات البلاستيكية فهو عملية تعني" إعادة استعمال المنتجات البلاستيكية كمواد خام مرة أخرى، تدخل في صناعة منتجات بلاستيكية أخرى لا تتشابه مع المنتجات الأصلية"[2].
     فعملية تدوير النفايات البلاستيكية تعتبر حلا ناجعا لهذه المعضلة التي أَرَّقَتِ العالَمَ، وخلقت مشاكل كثيرة للإنسان، وتسببت في الإضرار بالبيئة، وبكل مكوناتها.
النفايات البلاستيكية، أرقام وإحصاءات
     يشتري الإنسان، حسب تقرير للأمم المتحدة، نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة، ويستخدم خمسة تريليونات  من الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد.
    ينتج الإنسان اليوم نحو 300 مليون طن من المخلفات البلاستيكية كل عام، ويقدر العلماء أن البشر قد أنتجوا نحو 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد انتهى المطاف بنحو 60 بالمئة من هذا البلاستيك إما في مكبات النفايات أو الطبيعة[3].
نادي البيئة بالثانوية الإعدادية عمر الخيام باليوسفية: بصمة إيجابية في التصدي لمشكل النفايات البلاستيكية
مؤطرتا الورشة البيئية رفقة جانب من تلاميذهما

مؤطرتا الورشة البيئية رفقة جانب من تلاميذهما
 
    لم يذخر مؤطرو النادي جهدا في التوعية بأخطار التلوث البيئي بصفة عامة، والتلوث البلاستيكي على وجه الخصوص، فقد دأبوا خلال السنوات السابقة، وفي الموسم الجاري على تنظيم أنشطة مختلفة بهذا الصدد، ومن ذلك تنظيم ورشات في تدوير النفايات البلاستيكية، وفي هذا السياق أكدت مؤطرتا هذه الورشات الأستاذتان زينب شكار، وأمينة جهاد أنهما ارتأتا تنظيم هذه الورشات لفائدة التلاميذ لغايتين تتمثل إحداهما في الاستفادة من المخلفات البلاستيكية بإعادة تصنيعها، وتخليص البيئة من مواد يصعب تحللها، وخلق بيئة صحية، وتتجلى الثانية في صنع أدوات تزيين المنازل بأفكار بسيطة، وتنمية خيال التلاميذ عبر فسح المجال لهم لإنجاز نماذج وتصاميم متنوعة من قنينات البلاستيك.
جانب من ورشة تدوير النفايات البلاستيكية التي أطرها النادي


جانب من ورشة تدوير النفايات البلاستيكية التي أطرها النادي

     وأضافت المتحدثتان أن هناك أفكارا عديدة للاستفادة من العبوات البلاستيكية وإعادة تدويرها للحصول على أشياء جميلة كتلك التي اشتغل عليها التلاميذ، ومن ذلك:ـ صنع مكنسات من قنينات بلاستيكية ــ صنع مزهريات مختلفة الأشكال ـ صنع أصيص معلق للغرس ــ صنع حمالات أقلام متنوعة ــ صنع حمالة حلوى لأعياد الميلاد.
   هذا جانب من وجه مشرق لانخراط المؤسسة التعليمية في حل مشكل بيئي عويص، وتبقى الكرة في شباك شركاء هذه المؤسسة المواطنة الذين يشكل انخراطهم الإيجابي في هذا المشروع إضافة نوعية، لاشك أنها ستثمر  نتائج إيجابية.



[1] ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
[2] ـ المرجع نفسه.
[3] ـ موقع "النبأ" الإلكتروني، من مقال تحت عنوان "التلوث البلاستيكي: خطر عالمي يقتل شخصا كل نصف دقيقة" بتصرف، رابط المقال https://annabaa.org/arabic/environment/19271

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/