كلام عن تعاضدية التربية والتعليم
كلام عن تعاضدية التربية والتعليم
شهد شاهد من أهل التربية والتعليم بشهادة يستفاد منها أن التعويض عن الملفات المرضية لمنخرطي تعاضدية التربية الوطنية ودوي حقوقهم، باتت تنجز في مدد زمنية قصيرة، مقارنة مع سابق العهود. مند فبراير الماضي يمكن القول تأكيدا أن جل الملفات إن لم نقل كلها باتت لا تتطلب في أغلب الاحايين اكثر من 21 يوما من تاريخ وضع الملف في مختلف المكاتب الفرعية بأقاصيها وأدانيها الى لحظة التعويض. قبل سنوات أعطى جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية لمخلتف الهيئات المختصة بغية العمل على تعميم نظام الحماية الاجتماعية، وعلى رأسهم وزارة الصحة. يبدو ان الساهرين على تدبير تعاضدية التربية الوطنية يحدون هذا الحدو، وما هذه التحديثات والاصلاحات إلا تجلي من تجليات الرقي بالتعاضد والتكافل في المجال الصحي، وهو إن شئت القول بطريقة أو بأخرى يخدم رزنامات تنزيل الحماية الاجتماعية والمساعدة على تعميمها.
حديثنا هذا ليس كلام ليل يمحوه نهار، أو رمي بفائض القول على عواهنه، بل نتيجة لوغاريتمية لأرقام رياضية وإحصاءات رسمية تنهض دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا، لا يتجاهلها إلا حاقد أو جاحد. صحيح، أن هناك بعض الخدمات تحتاج لتطوير، لتصل حد التميز. وذكرها هنا يأتي محط نقد بناء، بغية تحقيق الأفضل. بعيدا عن النقد من أجل النقد، أوالجعجعات الفارغة التي بات ينهجها البعض من هوات الصيد في المستنقعات الآسنة لغاية في نفسه. بمعنى أكثر دقة أن تبني أحكامك ومواقفك على ما تسمعه وتقرؤه وتراه، وما تصل إليه من محصلات. إذاك هي حصيلة تأمل، وتدقيق، وتريت وتدبر، ومعرفة بحقائق الأمور ودقائقها. غير هذا، ستكون كأعمى البصر الذي ظل يتحسس الفيل وسماه من بعض أطرافه، لا بما هو عليه في ضوء النهار. والظلمة ظلم كما يقال، والحكم بما ليس تحت الشمس عماء. بل فقدان، ليس للبصر، فقط، بل للبصيرة وللتعقل.
مند تاريخ يوليوز 2013، وهو زمن حاسم في تاريخ التعاضدية العامة للتربية الوطنية، تغيرت أمور مهمة وتحققت منجزات، وانطلقت أوراش وتجودت خدمات. ثم تلاه مسلسل هتشكوكي من أجل القطع والبتر مع جدور الفساد، وأُعلنت بداية تعقيم شامل، انسجاما مع قانون التعاضد والتكافل 1963.
كنبدة عن كرونولوجيا هذه الإصلاحات التي عرفتها التعاضدية تحت تدبير مجلسها الحالي، بقيادة رئيس المجلس الإداري الحالي السيد ميلود معصيد، حيث أصبح التغيير يبدوا واضحا لأولي الألباب من الناحية الكمية والكيفية على حد السواء. إلى جانب عامل الزمن وهو أهم عامل من عوامل قياس التطور، وإذا ما نظرنا لسرعة معالجة ملفات المؤمَّنين ودويهم من منخرطي تعاضية التعليم سيتبين انها ملفات تتم معالجتها بسرعة وفق آخر تعديلات التعاضدية، وهو أمر يجعل هذه التعاضدية من ضمن الأنجع من بين ثماني تعاضديات تنتمي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. في حين أنه في الشق الخدماتي نذكر عدد المكاتب الفرعية التي تم فتحها في كل ربوع المملكة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، إيمانا من مسيريها بضرورة تقريب الخدمات من رجال التعليم ودوي حقوقهم. أضف إلى ذلك مشروع الرقمنة وتسهيل الولوج إلى المعلومة. لوعي رئيسها ومن معه بأهمية المقاربة التواصلية للسير في درب تجويد الخدمات، خدمة لفئة تستحق كل الاهتمام نظير مجهوداتهم الجليلة في منظومة التربية والتكوين. حيث أضحى تتبع الملفات الموضوعة قيد المعالجة بشكل رقمي معلوماتي يرقى في مراقي ما وصلته هذه المؤسسة من حكامة وحسن تدبير. كما لا نغفل الأوراش المهمة، والتي عرفت تطورا كبيرا كفتح عدد من عيادات طب الأسنان لفائدة مرتفقي التعاضية وبمواصفات عصرية، ملحقة بورنازيل بالدار البيضاء نموذجا. في السياق نفسه تم فتح وإصلاح مختبرات التحاليل الطبية للتعاضية العامة للتربية الوطنية .أما على مستوى الشراكات، جاءت شراكات مهمة واتفاقيات هامة أبرمها الرئيس الحالي مع إدارات عدة مستشفيات ومصحات. كانت مكسبا هاما على جميع المستويات والأصعدة. ثم تجربة مكاتب الإنصات والإرشادات من خلال سفراء معتمدين للتعاضدية في المصحات والمستشفيات الشراكية مع هذه المؤسسة تقريباً للخدمات وتبسيطاً للتعقيدات، وتدليلا للصعوبات. وهذه إصلاحات من غيرها وإنجازات من أخرى تجتمع روافدها لتصب مصب المشروع الملكي الرامي لتعميم الحماية الإجتماعية. على ذكر الحماية الاجتماعية ولأن الشيء بالشيء يذكر، فحين عقد مجلس المستشارين جلسة لمناقشة ورش الحماية الاجتماعية، لم يكن ليترأس هذه الجلسة سوى رئيس تعاضدية التربية والتعليم لدراية الدارين بدرايته في شأن الحماية الاجتماعية وسبل أجرأتها.
إذا ما عدنا للحديث عن تاريخ هذه المؤسسة، وكما جاء سلفا أن تاريخ يوليوز 2013، يعد تاريخا حاسما، نظرا لما كان يطفو قبله من عشوائية وفساد وتوظيفات واختلالات في تدبير مقود التعاضدية. حين جلس على كراسي مكاتبها من اعتبروها بقرة حلوباً، همهم الوحيد حلمة الضرع، دون مراعاة إلاًَ ولا دمة. حتى قيل في روايات كثيرة، أن رائحة فسادها كانت تزكم الأنفس. وصولا لمرحلة ما بعد يوليوز 2013، حين انطلقت رحلة الألف ميل ومسيرة الجهاد الأكبر نحو التطهير، وتبني سياسة الوضوء الأكبر عوض التيمم، ثم إبعاد أصحاب الشبهات وممارسي رياضة الأصابع بالمبتدأ والخبر ومن جاورهم من ذوي البطن الأكبر. إلى تنقية المؤسسة من تفشي فيروس الموظفين الأشباح وإخوانهم من الرضاعة. على امتداد ما يفوق 12 سنة من الإصلاحات، وحكامة التدبير.
هذه التطورات اليوم تقف، بل تمشي مرفوعة الهامة في الواقع ليس في الخطابات العنترية المنفوخة بالهواء أو على بيانات مكتوبة بمداد مزركش بمساحيق التجميل. لأن مساحيق التجميل تطير مع أولى ومضات الشمس، بل هذا الواقع اليوم بشمسه أضحت فيه هذه المؤسسة التكافلية وهي تقطع أشواطا مهمة في سبيل الإصلاح، الى جانب البعض اليسير من الإصلاحات التي لازالت تحتاج لعمل أكبر.
يقال والعهدة على القائل، لكل إصلاح رجالاته ولكل إنجاز مهندسوه وجنوده، كما لكل نجاح أعداؤه. حديثنا عن تطور التعاضدية العامة للتربية الوطنية يتسلل من نافدة إيماننا الراسخ بثقافة الاعتراف ووعينا بأهمية حس النقد البناء. لكننا في المقابل لا نرى في اجترار الحديث وتوظيف الأفواه لتسفيه الانجازات وحجب النجاحات، إلا ضربا من الجنون والسعار. إلى جانب ما تحقق في الخدمات التعاضدية والتكافلية، تبقى أماني أهل التعليم ورجاؤهم أن تعرف مؤسسة الأعمال الاجتماعية سبيل الإصلاح والتطوير، الذي عرفته التعاضدية، لا أن تظل تتسم بنوع من الغموض أو إن شئت القول الغياب. فهي الأخرى تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لإصلاحات ليستفيد من خدماتها أهل التربية والتعليم. لكن القاعدة تقول، كل إصلاح يحتاج منك أن تتبع خيوط اللعبة حتى تصل لعش الدبابير. سواعد الرجال تبني صروح الاوطان أما معاول الهدم فلا قامت لهم قائمة