لعبة الإصلاح

الإدارة نوفمبر 11, 2014 نوفمبر 11, 2014
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

لعبة الإصلاح 


بشرى عرقوب

بشرى عرقوب -جريدة الأستاذ
شاهدت قبل قليل مقطعا من فيديو ﻷستاذة بأحد المداشر تطرح أسئلة باللغة الفرنسية على تلاميذها من قبيل: ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟ أو لو كنت ممحاة ماذا كنت لتمحو من هذا الكوكب؟ و أسئلة أخرى على هذا المنوال...التلاميذ في غاية البساطة. .أبناء الشعب و الطبقة الكادحة يجيبون و يعبرون بفرنسية رديئة أي نعم..لكن يوصلون المعنى و يعبرون عن طموحاتهم بابتسامات خجولة و عيون تبرق، و رؤوس تعلوها التشويكة..يصيغون جملهم بلكنة تشبه الفرنسية على غرار :"جو فو إيطخ بيلوط..أو..جو في إيفاصي لانجيستيس"..يمتثلون لتعليمات الدرس لكن أغلبهم يأمل في قرارة نفسه أن يفك شيفرات هذه الحصة فقط ليخرج منها بسلام..وكل مناه أن يحمل في جعبته منها و لو فتات كلمات لا تسمن و لا تغني من جوع يقتات منها عندما يصل سالما غانما إلى أرض السين في حين لم تخذله المراكب الشراعية و ترمي به في غياهب البحر..


في الواقع ما أثار حفيظتي المهنية و حرك نزعتي الكريتيكية هي تلك التعليقات الساخرة لبعض الفسابكة هم في الغالب من حظوا بترف التعليم الخاص في المدن و الميسيون..أولئك الذين يحملون على رؤوسهم شرف هذه اللغة و يضعونها فوق رفوف التقديس...انهالوا على هؤلاء الصغار بوابل من التهكمات و الاستهزاءات..و انتقدوا تدني مستوى التعليم في المغرب و فشل المنظومة التربوية و غير ذلك من المفاهيم و الكلمات الرجراجة..بل نعتوا الوضع بالكارثة و الطامة...، مشكل التربية والتعليم في بلادنا لا يقتصر على إتقان الفرنسية أو العربية أو أي لغة أخرى..المشكل أكبر من ذلك بكثير..إصلاح التعليم في بلادنا لن يكون إلا بدراسة شاملة لحاجيات المجتمع و تعبئة كاملة لعموم الشعب و ثروات البلاد لتحقيق السمو المنشود..، التعليم مشروع مجتمعي تنموي ذو أبعاد ثقافية اجتماعية فكرية سياسية اقتصادية يتم فيها الانطلاق من واقع المغاربة و مراعاة حاجاتهم النفسية و الثقافية و إكسابهم القوة و اﻹرادة لاقتحام العقبات..،الطامة حقا هي أن تسأل طفلا في عمر الزهور عما يريد أن يصبح عندما يكبر فيجيبك :"بغيت نولي شفار..نحطلو الموس على عنقو .."..و تسأل آخر فيجيبك بابتسامة تكسوها الخنونة :"بغيت نولي شجرة"..الكارثة فعلا هي عندما تبذلين مجهودا جبارا في الشرح و التفصيل و تنويع اﻷساليب و الطرق و المقاربات البيداغوجية و تستنفذي كل طاقاتك من تكرار و إعادة و إحاطة استشفافية لمكونات الدرس و عناصره ثم تطلبين من تلميذة أن تأتيك بجملة تبتدئ ب"هل" لتجيبك "هلهوووول"..كيضحكوا علينا و كنضحكوا عليهوم و كلشي ضاحك على الوقت و اللهم كثر حسادنا.

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/