سيواجه العالم جبلا من الديون بعد الجائحة

الإدارة أبريل 05, 2020 أبريل 05, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A


سيواجه العالم جبلا من الديون بعد الجائحة
ستدخل الدول الغربية حقبة من الديون الثقيلة بفعل الخطط الاستعجالية المكثفة لدعم الاقتصاد
" الحفاظ على مصداقية المؤسسات الاقتصادية
 هو المفتاح "
ايلين راي Hélène REY
أستاذة بمدرسة لندن للتجارة
ترجمة خاليد جوهري عن
ترجمة خاليد جوهري 

الخطط المهمة لدعم الاقتصاد التي أُطلِقت منذ بداية الجائحة و المرتبطة بكورونا فيروس المستجد بدأت في إدخال الدول الغربية في مرحلة ديون ثقيلة، هذه المساعدات الاستعجالية هي بطبيعة الحال ضرورية، و غيابها الآن قد يحول الأزمة الحالية إلى ركود اقتصادي بعيد المدى؛  إلا أن تأثيرها لن يكون أقل أهمية، "سيترك خدوشا عميقة" كما يحذِّر جيل مويك GILLES MOËC كبير اقتصاديي شركة أكسا AXA.
سيواجه العالم جبلا من الديون بعد الجائحة

و حسب UBS  -شركة متخصصة في الخدمات المالية و أكبر أبناك تدبير الثروة في العالم مقرها في مدينة  زوريخ- فقد بلغ مجموع خطط الإنعاش في الكرة الأرضية 2.2% من الناتج الداخلي الخام العالمي، مُتجاوِزا بكثير ما تم بذله إبّان أزمة 2008 المالية (1.7% من ن د خ PIB)، بل في بعض الدول تجاوز هذا الحد: الولايات المتحدة 10%، المملكة المتحدة 8%، ... و من المحتمل أن تكون هذه فقط البداية إذ لا بد من إعانات إضافية لإعادة تشغيل الاقتصاد فور الخروج من الحجر الصحي.
فالديون الأوروبية الثقيلة نوعا ما ستحدث قفزة نوعية، إذ في إيطاليا تصل حاليا إلى 135%  من PIB  و قد ترتفع إلى 181%  في نهاية العام، وفق الفرضية  الأكثر تشاؤما لمحلِّلي مصرف جيفريز Jeffries (أو 151% حسب الفرضية الأكثر تفاؤلا). و باعتماد السناريو السيّء الذي يرتقِب ركودا اقتصاديا بنسبة 15%  في سنة 2020، فقد تنتقل فرنسا من مديونية بنسبة 101% إلى 141% من PIB، و اسبانيا إلى 133%. و تجذر الإشارة إلى أن الهدف الرئيسي لاتفاقية الاستقرار الأوروبي التي ترمي إلى مديونية أقل من 60% من PIB لن تكون سوى ذكرى نظرية بعيدة المنال، و فضلا عن ذلك، لقد تم خرق هذه الاتفاقية خلال الجائحة؛ و بطبيعة الحال سيطوِّر انتعاش النمو بشكل آلي هذه النسب في سنة 2021، لكن رغم ذلك ستكون الصدمة قوية.
كيف ستتم المواجهة؟ الغريب أن جل الاقتصاديين غير مكترثين خصوصا على المدى القريب، " ما يهم حقيقة هو إما تكلفة خدمة الدين أو النمو الاقتصادي للدولة" يقول مارشال اليكساندروفيتش MARCHEL Alexandrovich اقتصادي بمصرف جيفريز. و بشكل واضح، إذا بقي معدل الفائدة جد منخفض كما هو الحال الآن، فإن أداء الدين لن يكون أكثر ثقلا على الحسابات العمومية، على عكس ما إذا كان النمو الاقتصادي جد قوي فإن نسبة الدين من PIB  ستتقلص بشكل آلي؛ هذا السيناريو الأخير هو ما حصل بُعيْد الحرب العالمية الثانية.
"كانت هناك فترات تميزت بارتفاع كبير للمديونية على مدى التاريخ، تُذكِّر إيلين راي Hélène REY  أستاذة بمدرسة لندن للتجارة، ففي المملكة المتحدة بعد الحروب النابليونية أو بعد الحرب العالمية الثانية، تجاوزنا بكثير حاجز 200%." أما في فرنسا فنسبة الدين من PIB   بلغت 270% سنة 1944 قبل تدنِّيها إلى 15%  بعد 25 سنة؛ هذا التراجع الملحوظ حدث نتيجة التضخم -القوي الذي أدى إلى جعل معدلات الفائدة الحقيقية سلبية- و كذلك نتيجة النمو الاقتصادي المفاجئ ( الثلاثون المجيدة).
و تضيف السيدة REY " يكمن المفتاح في الحفاظ على مصداقية المؤسسات الاقتصادية"، بوضوح أكثر، يجب على المدينين أن يعتقدوا أن الدولة قد تواصل دفع ديونها، و إلا فيمكنهم التشكي من معدلات الفائدة المرتفعة و التي تجعل دفعات الديون ثقيلة جدا، و في الأخير قد تتهاوى العملة و تُهرّب رؤوس الأموال من البلد و تفشل الدولة.
لسوء الحظ، لا يمكن للعالم الغربي استعمال وصفة ما بعد الحرب في الوقت الحالي؛ "في ذلك الحين جزء كبير من طاقات الإنتاج تم تخريبه" يقول M.MOËC، هذا يعني مسألتين: من جهة، لم تكن المصانع قادرة على زيادة الإنتاج لسد الطلب، مما أدى إلى تضخم طبيعي؛ و من جهة أخرى كانت الاستثمارات جد منتجة لأن تحديد حاجات السوق كان سهلا مما خلّف نموا اقتصاديا قويا.
أما اليوم فالوضع مختلف تماما، أوروبا على وشك الانكماش منذ سنوات، و الانخفاض القوي لأسعار البترول سيدفع بدوره إلى انخفاض الأسعار، بينما المقاولات لا زالت قائمة و ستستأنف إنتاجها بعد الحجر. في هذه الظروف تتعالى الأصوات الراغبة في تدخل الأبناك المركزية، فمنذ أزمة 2008 و بشراء سندات الدول "قامت الأبناك المركزية بقلب لوحة الإعلانات la planche à billets " إلى درجة أنها تمتلك جزءا كبيرا من ديونها، حيث يوجد الربع من دين الدول في حصيلة le bilan البنك المركزي بمنطقة الأورو؛ لماذا لا يتم إلغاؤه بكل بساطة؟ يتعلق الأمرهنا فقط بلعبة محاسباتية: الدول ملزمة بالاحتفاظ بالنقود في أبناكها المركزية بقدر ما تحتاج طباعته.
"لذلك تم خلق بنك إنجلترا سنة 1694 يذكِّر M.MOËC؛ آنذاك ألحقت فرنسا هزيمة قاسية في حربها على إنجلترا، مما دفع هذه الأخيرة إلى بذل مجهود جبار في إعادة البناء العسكري و كذا وضع اللبنة الأولى  للبنك المركزي لإصدار الدين مع تمكينه بالمقابل من صكّ النقود." و في يومنا هذا، قد لا يقبل حرّاس البنك المركزي الأوروبي إسقاط الدين هذا لأنه في نظرهم مخالف كثيرا للأورتودوكسية،
 إلا أنه بإمكان البنك المركزي الأوربي تعقيم الدين بالتزامها بإعادة استثماره باستمرار لمدة 30 أو 50 سنة" يقول M.MOËC. هذا الحل تتجه إليه المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة إذ لا تواجهان نفس إكراهات منطقة الأورو. "تسييلla monétisation " الدين هذا – الأبناك المركزية تُموِّل الدول بشكل مباشر- يقدم محدودية رغم ذلك، فخلق النقود بشكل كبير سيضعف قيمة العملة مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال. هذا ما تحملته فرنسا بعد سلسلة تخفيضات العملة التي اتخذتها سنوات الخمسينيات  مع الإحالة دون خروج سبائك الذهب إلى سويسرا. جل الاقتصاديين يدعون إلى الحد من خلق النقود لدعم للخطط الاستعجالية التي أُطلِقت أثناء الجائحة قد يخفف بشكل كبير من وطأتها.

المراجع:

اريك ألبيرت ERIC ALBERT
 جريدة لومند ليوم 4 أبريل 2020 ص 14

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    https://www.profpress.net/