عالم الحيوانات ويوم السلام المشهود ـ قصة قصيرة

عالم الحيوانات ويوم السلام المشهود ـ قصة قصيرة 

عالم الحيوانات ويوم السلام المشهود ـ قصة قصيرة


ـ نورالدين الطويليع

يحكى أن ضبعا حاول افتراس ثور ضخم، فهجم على حظيرته رفقة أبنائه، وحقق بعض مراده في إلحاق شيء من التخريب بها، لكنه عجز عن الوصول إلى كبير الثيران الذي طارد الضبع وأشبعه نطحا، وأدخل أبناءه إلى جحورهم، وكم كانت ورطتهم كبيرة، وهم يضعون مخلفاتهم في المكان الذي يعيشون فيه، وقد أصابهم إسهال حاد، صار يتجدد كلما سمعوا خوار الثور.
في هذه اللحظة دخل الذئب على الخط، وهدد الثور بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتوعده بزرع أنيابه في لحمه، وتقطيعه إربا إربا، ومطاردته فوق الأرض وتحتها، وجاء هذا التدخل حفاظا على نسل الضباع وردا لبعض جميلهم، فهم من ساندوه ليكون زعيم الغابة، وقد تعهد بشطب كل خصم لهم من خريطتها، وتوسيع موئلهم الصغير باقتطاع جزء من موائل جيرانهم وإلحاقه بأرضهم.
ظل الثور مصرا على خطته الانتقامية من قبيلة الضباع، وشعر الذئب بالحرج، فلجأ إلى حيلةٍ تُخَلِّصُهُ من ورطته، واتفق مع الثور على السماح له بدخول حظيرته والعواء فيها حتى تسمعه حيوانات الغابة كلها، ويستغل ذلك للترويج لقدرته الكبيرة على إسكات الثور واقتحام حرمته.
من جانبه أصر الثور على أداء الدور نفسه، وجرى نقاش حاد بين الطرفين حول زمان رد الفعل ومكانه تحت رعاية الثعلب الذي توسل إليه الذئب من أجل التدخل، وأداء دور مطفئ النار...، اقترح الثعلب على الثور القيام بمناورة وهمية ضد بعض أبناء الذئب الذين يحتضنهم وَكْرُهُ، مع تشديده على إخباره بالموعد، ليتأتى له وضعهم في مكان آمن، لا يرون فيه شيئا من حركاته حتى لا يصابوا بالذعر أو الخوف.
جرى كل شيء وفق الاتفاق الإطار، وبعد دقائق معدودات خرجت الأكباش والخيل والبغال والحمير تستنكر استباحة وكر الثعلب، أما الثعلب نفسه فلم يتردد في إعلان أُخُوَّتِهِ الثابتة وعلاقته الوطيدة بالثور، وفي اللحظة نفسها خرج الذئب معلنا عن انتهاء المعركة بين الثور والضبع، مهنئا سكان الغابة باستتباب الأمن وعودة السلام.