تركيب لمفهوم النظرية والتجربة

الإدارة يناير 16, 2014 يناير 16, 2014
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

مفهوم النظرية والتجربة



يتحدد المجال الإشكالي لمفهوم النظرية والتجربة داخل الحقل الخاص ببناء
النظريات العلمية في العلوم التجريبية. و يطرح هذا الحقل مشكلات
إبستيمولوجية و فلسفية أساسية تتمحور حول علاقات و مفاهيم متوترة مثل:
العقل والواقع، الذات والموضوع، النظرية والتجربة. إذا كان العقل و
التجربة مكونين أساسيين في بناء النظرية العلمية، فما هو الوضع الذي يأخذه
العقل في هذا البناء؟ كيف يواجه العقل عالم التجربة داخل هذا الإشكال
الكانطي حول علاقة العقل بالتجربة يمكن طرح الأسئلة التالية: 
+ ما الوضع الذي يأخذه التجريب في بناء النظرية؟ 
+ هل يشكل التجريب أساس النظرية و منطلقها؟ 
+ ما معيار علمية نظرية ما؟ 
+ ما العلاقة إذن بين النظرية و التجربة في المعرفة العلمية؟ 

 
أ‌- التجربة والتجريب:
 
كلود برنار: يجمع العالم التجريبي بين شروط العلمية و مبادئ
التجربة عندما يخضع الفروض لمبدأ التحقق. فالعلم التجريبي يبني قوانينه
تبعا لخطوات منهجية ونظرية ضرورية. 
روني طوم: لا يشكل التجريب العلمي في معناه التقليدي مقوما وحيدا في تفسير الظواهر، بل لابد من اعتبار عنصر الخيال و إدماجه في عملية التجريب. إن الخيال هو تجربة ذهنية تمنح للواقع غنى. 

ب‌- العقلانية العلمية:
 
ألبير إنشتاين: إن المفاهيم و المبادئ التي يتكون منها النسق النظري للعلم ( الفيزياء مثلا) هي إبداعات حرة للعقل الرياضي و تشكل الجزء الأساسي من النظرية العلمية. 
غاستون باشلار: إن العقلانية العلمية المعاصرة هي عقلانية فلسفية مطبقة
تقوم على يقين مزدوج يوجه النشاط العلمي التجريبي و يجعله مشروطا بحوار
جدلي بين ما هو عقلي و ما هو واقعي. 

ج- معايير علمية النظريات العلمية:
 
تويليي: إن الذي يضفي على نظرية علمية ما قوتها العلمية وتماسكها
المنطقي هو تلك الفروض الإضافية و الاختبارات المتعددة التي تخرج النظرية
من عزلتها و تربطها بنظريات أخرى. 
كارل بوبر: إن النظرية العلمية التجريبية الأصلية هي التي تستطيع أن تقدم
الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها و تبرز نقط ضعفها، و تخضع، بصفة
قبلية، فروضها لمعيار القابلية للتنفيذ أو التكذيب. 
مفاهيم و علاقات: 
تأخذ التجربة، في مجال العلم، دلالة خاصة، إنها لحظة مصطنعة و موجهة
بأسئلة و مؤطرة بفروض نظرية: إنها تجريب يتطلب من العالم أن يكون ملما
بمجموعة من الشروط و المبادئ المنهجية و النظرية. إن التجريب هو عبارة عن خطاطة نظرية مثلى، إذا اشتغل العالم بمقتضاها، فإنه يتوصل إلى معرفة
القوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية. لكن هذا المجهود الذي يقوم به
العالم لتفسير الظواهر لا يبقى سجين خطوات المنهج التجريبي في صورته
الكلاسيكية، لأن العالم يصوغ فرضياته ضمن إشكالية علمية و نظرية توجه
أسئلته، فيبدع كيانات خيالية يستطيع التأكد منها في ذهنه و ليس دائما في الواقع. 
من الخطأ الاعتقاد أن التجربة مجرد ملاحظة للواقع ، و أن نظرية تأمل ذهني
خالص، فالمفاهيم و المبادئ المكونة للأنساق العلمية هي كيانات يبدعها
العقل البشري، وتشكل الجزء الأساسي في النظرية، لذلك يمكن القول إن
العقلانية العلمية هي عقلانية مبدعة تبتكر مفاهيمها و أدواتها من العقل
الرياضي، ومن ثمة يكون المعطيات التجريبية تابعة للعقل. 
غير أن العقل الذي يتخلص من هيمنة الواقع و من حبال التجربة، لابد له من أن يعود إليها لإضاءتها بأدوات و مناهج. لم تعد التجربة، كما تصورها
النزعة الاختبارية، تتحكم في البناء النظري للعلم، كما لم يعد العقل، كما تصورته النزعة العقلانية المغلقة، مكتفيا بذاته و معزولا عن الواقع. إن العقلانية العلمية هي عقلانية فلسفية مطبقة، إذ لا يمكننا فهم عمل العلم و إدراك قيمته الفلسفية إلا في ضوء فهم العلاقة الجدلية بين العقل و الواقع.
ففي عالم تتصارع فيه النظريات، يحاول العالم أن يبني نظريته بين نظريات
علمية أخرى، لذلك تلتجئ النظرية إلى الفروض الإضافية و الاختبارات
المتكررة لتحافظ من جهة على تماسكها المنطقي الداخلي، و لكي تخرج أيضا من عزلتها بانفتاحها على فروض نظرية جديدة. إن تعدد الاختيارات هو معيار علمية النظرية و علامة قوتها. 
غير أن الطابع التركيبي و الشامل للنظرية يجعل من المتعذر التحقق من صدقها أو كذبها بواسطة التجربة، لذلك فمعيار الحكم على علمية نظرية ما هو قابلية منطوقها و بنائها النظري للتنفيذ أو التكذيب. فعلى النظرية العلمية الأصيلة أن تقدم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها. عليها أن تكون معرضة للخطأ و التكذيب أفضل من أن تكون في يقين دائم . فلا علم بدون أخطاء. 

تركيب: 
• إن تأمل تاريخ اشتغال مفهومي النظرية و التجربة في العلم
التجريبي، بالرغم من إدراكنا لبعض علاقات التوتر و الصراع بينهما، يكشف لنا عن تداخلهما و تكاملهما الضروريين، فهما يكونان معا النظرية العلمية التجريبية. 
• ساهم الحوار بين النظرية و التجربة في العلم في إعادة صياغة مفاهيم
فلسفية و علمية أساسية مثل مفاهيم: العقل و الواقع، و الذات، و الموضوع، و التجربة، و الخطأ، و الكذب، و اليقين... 
• لا وجود لنظرية علمية عقلية خالصة، ولا وجود لتجربة مستقلة عن العقل. 
• إن انغلاق النظرية على ذاتها هو فناؤها، كما أن انغلاق العقل على ذاته هو عزلته و نهايته.المصدر
 

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    https://www.profpress.net/